سورة الصافات - تفسير تفسير ابن عطية

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الصافات)


        


من قال إن الذبيح هو إسماعيل جعل هذه البشارة بولادة إسحاق وهي البشارة المترددة في غير ما سورة، ومن جعل الذبيح إسحاق جعل هذه البشارة بنفس النبوءة فقط، وقوله تعالى {وظالم لنفسه} توعد لمن كفر من اليهود بمحمد صلى الله عليه وسلم، والمنة، على موسى وهارون هي في النبوءة وسائر ما جرى معها من مكانتها عند الله تعالى و{الكرب العظيم} هو تعبد القبط لهم، ثم جيش فرعون لما قالت بنو إسرائيل {إنا لمدركون} [الشعراء: 61] ثم البحر بعد ذلك، والضمير في {نصرناهم} عائد على الجماعة المتقدم ذكرها وهم {موسى وهارون وقومهما}، وقال قوم: أراد موسى وهارون ولكن أخرج ضميرهما مخرج الجميع تفخيماً، وهذا مما تفعله العرب تكني عمن تعظم بكناية الجمع، و{الكتاب المستبين} هو التوراة.


{الصراط المستقيم} يريد به في هذه الآية طريق الشرع والنبوءة المؤدي إلى الله تعالى وقد تقدم القول في مثل قوله {وتركنا عليهما}، و{إلياس} نبي من أنبياء الله تعالى، قال قتادة وابن مسعود: هو إدريس عليه السلام، وقالت فرقة: هو من ولد هارون عليه السلام، قال الطبري هو إلياس بن نسي بن فنحاص بن ألعيزار بن هارون، وقرأ الجمهور من القراء {وإن إلياس} بهمزة مكسورة، وهو اسم، وقرأ ابن عامر وابن محيصن وعكرمة والحسن والأعرج {وإن الياس} بغير همز بصلة الألف، وذلك يتجه على أحد وجهين: إما أن يكون حذف الهمزة كما حذفها ابن كثير من قوله تعالى {إنها لإحدى الكبر} [المدثر: 35] أراد لإحدى فنزل المنفصل منزلة المتصل، كما قد ينزل في كثير من الأمور، والآخر أن يجعلها الألف التي تصحب اللام للتعريف كاليسع، وفي مصحف أبي بن كعب {وإن ايِليَس} بألف مكسورة الهمزة وياء ساكنة قبل اللام المكسورة وياء ساكنة بعدها وسين مفتوحة، وكذلك في قوله {سلام على إيليس}، وقرأ نافع وابن عامر على {آل ياسين} وقرأ الباقون {سلام على إلياسين} بألف مكسورة ولام ساكنة، قرأ الحسن وأبو رجاء {على الياسين} موصولة فوجه الأولى أنها فيما يزعمون مفصولة في المصحف فدل ذلك على أنها بمعنى أهل وياسين اسم أيضاً ل {إلياس} وقيل هو اسم لمحمد صلى الله عليه وسلم ووجه الثانية أنه جمع إلياسي كما قالوا أعجمي أعجميون، قال أبو علي: والتقدير إلياسين فحذف كما حذف من أعجميين، ونحوه من الأشعريين والنمريين والمهلبين، وحكى أبو عمرو أن منادياً نادى يوم الكلاب، هلك اليزيديون، ويروي قول الشاعر: قدني من نصر الخبيبين قدي بكسر الباء الثانية نسبة إلى أبي خبيب، ويقال سمي كل واحد من آل ياسين إلياس كما قالوا شابت مفارقه فسمي كل جزء من المفرق مفرقاً، ومنه قولهم جمل ذو عثانين، وعلى هذا أنشد ابن جني: [الرجز]
مرت بنا أول من أموس *** تميس فينا مشية العروس
فسمى كل جزء من الأمس أمس ثم جمع، وقال أبو عبيدة لم يسلم على آل أحد من الأنبياء المذكورين قبل فلذلك ترجح قراءة من قرأ {إلياسين} إذ هو اسم واحد له، وقرأ ابن مسعود والأعمش {وإن إدريس لمن المرسلين} و{سلام على إدريس} وروى هذه القراءة قطرب وغيره وإن إدراسين وإدراس لغة في إدريس كإبراهيم وإبراهام، وقوله {أتدعون} معناه أتعبدون، والبعل الرب بلغة اليمن قاله عكرمة وقتادة، وسمع ابن عباس رجلاً ينشد ضالة فقال له رجل آخر: أنا بعلها، فقال ابن عباس الله أكبر أتدعون بعلاً، وقال الضحاك وابن زيد والحسن {بعلاً} اسم صنم كان لهم وله يقال بعلبك وإليه نسب الناس، وذكر ابن إسحاق عن فرقة أن {بعلاً} اسم امرأة كانت أتتهم بضلالة، وقوله {أحسن الخالقين} من حيث قيل للإنسان على التجوز إنه يخلق وجب أن يكون تعالى {أحسن الخالقين} إذ خلقه اختراع وإيجاد من عدم وخلق الإنسان مجاز كما قال الشاعر: [الكامل أقذ].
ولأنت تفري ما خلقت *** وبعض القوم يخلق ثم لا يفري


قرأ حمزة والكسائي وعاصم {الله} بالنصب {ربَّكم وربَّ آبائكم} كل ذلك بالنصب على البدل من قوله {أحسن الخالقين} [المؤمنين: 14، الصافات: 125]، وقرأ الباقون وعاصم أيضاً {ربُّكم وربُّ آبائكم} كل ذلك بالرفع على القطع والاستئناف، والضمير في {كذبوه} عائد على قوم إلياس، و{محضرون} معناه مجمعون لعذاب الله وقد تقدم تفسير مثل ما بقي من الآية وتقدم القول أيضاً في قوله {سلام على آل ياسين}، ولوط عليه السلام هو ابن أخي إبراهيم عليه السلام وقيل ابن أخته وقد تقدم تفسير قصته بكاملها، وامرأته هي العجوز المهلكة، وكانت كافرة فإما كانت متسترة منه عليه السلام، وإما كانت معلنة وكان نكاح الوثنيات والإقامة عليهن جائزاً، والغابرون الباقون، غبر بمعنى بقي ومعناه هنا بقيت في الهلاك، ثم خاطب تعالى قريشاً أو هو على معنى قل لهم يا محمد {وإنكم لتمرون عليهم} في الصباح وفي الليل فواجب أن يقع اعتباركم ونظركم ثم وبخهم تعالى بقوله {أفلا تعقلون}.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8